الإثنين , 11 نوفمبر 2024

السفير السابع لموريتانيا في دكار الوزير التقي ولد سيد /رياح الجنوب

السفير السابع لموريتانيا في دكار
الوزير التقي ولد سيد :

صباح الأربعاء الثاني والعشرين نوفمبر 1944 كان الوجيه الگرعاني علي ولد سيد ولد البخاري والسيدة الفاضلة تسلم منت محمد يحظيه الدليمية في حي لعريگيب في داخلة انواذيب على موعد مع ولادة طفل مبارك وميمون سيكون له شأن كبير في خدمة الدولة الموريتانية فيما بعد هو السفير والوزير التقي ولد سيد “ضيف رياح الجنوب في هذه الحلقة ” ضمن سلسلة تقاريرها عن السفراء الموريتانيين في السنغال ،

بعد انقلاب يوليو والإطاحة بالرئيس المؤسس أستدعِي السفير التقي ولد سيد من برلين إلى نواكشوط ليُعيّن في العام الموالي 79سفيرا فوق العادة و كامل السلطة في دكار وممثلا لموريتانيا في مكتب منظمة الوحدة الإفريقية ومنتدبا في عدة دول كجزر الرأس الأخضر وغينيا بيساو وغينيا كوناكري وغامبيا وليبيريا والسيراليون ،
جاء التقي إلى السنغال خلفا للسفير السابق أحمد ديّ ولد محمد المختار
وفي سابقة من نوعها تم قبول اعتماد السفير التقي ولد سيد في نفس اليوم الذي وصل فيه الطلب إلى السلطات السنغالية مما فاجأ العاملين في السفارة آنذاك ويرجع ذلك إلى معرفة السنغاليين جيدا بالتقي أيام كان مديرا لمراسم الرئاسة الموريتانية طيلة ست سنوات في ظل عهد خالد الذكر المختار ولد داداه ولعلاقته الوطيدة أيضا بوزير الخارجية السنغالي مصطفى نياس الذي دعاه في نفس اليوم إلى المقيل معه في المنزل فاعتذر له التقي معللا بانتظاره تقديم أوراق الاعتماد الشيىء الذي رفضه نياس قائلا “ستقدم أوراق الاعتماد على وجبة الغداء في المنزل وإن شئت عند نهاية فترتك في السفارة ! لقد أخبرتُ الرئاسة بأن موريتانيا أرسلت إلينا سفيرا سنغاليا هذه المرة وقد عبروا عن رضاهم وقبولهم لاعتمادك في دكار على الفور ” .

وصل التقي إلى دكار أسبوعين بعد وفاة المقدم أحمد ولد بوسيف وغرق طائرته على شاطئ البحر في دكار في 27 مايو 1979 وقد حضر لأعمال الإنقاذ التي قام بها طاقم فرنسي بالتعاون مع الجيش السنغالي لكنها لم تستطع إلا انتشال 3 أشخاص من بينهم ربان الطائرة و”والي نداو” مدير ديوان ولد بوسيف والوزير “با إبراهيما” كما استطاعت إخراج أحد جناحي الطائرة ، لكن للأسف لم يتم العثور على رُفاتِ الرئيس بوسيف ،
حسب المعلومات التي وصلت السفير التقي فإن الرئيس سينگور قد خرج فعلا إلى أرضية المطار مع أعضاء حكومته لاستقبال رئيس الوزراء الموريتاني أحمد ول بوسيف بعد إشعارهم بقرب هبوط الطائرة – في يوم عاصف مليئ بالغبار وتكاد الرؤية تنعدم لهبوب الرياح الحمراء – غير أن قائد الطائرة أتصل على برج المراقبة قائلا إنّه نظرا لشدة الرياح لا يستطيع الهبوط بشكل سليم على المدرج فلذلك سيحلق من جديد حتى يأخذ دورة جديدة للهبوط ……
بعد المكالمة بدقائق حدثت الكارثة ..
سقطت الطائرة على بعد اربع كيلومترات وسط البحر ليعلن بعد ذلك عن وفاة رئيس الوزراء المقدم أحمد ولد بوسيف ومدير ديوانه والي انداو، وقائد القوات البحرية انچاي انچاك، وموظفين سامين بوزارة الخارجية الموريتانية.
عايش السفير التقي آخر فترة الرئيس سينگور وانسحابه من السلطة لصالح وزيره الأول عبدو ديوف ،
كما كان على علم تام بتحركات جماعة 16 مارس ومرورهم من دكار بتسهيلات من الأمين العام للرئاسة السنغالية الفرنسي Jean Collin عن طريق رجله الخاص مدير الأمن في دكار آنذاك الذي تربطه علاقة ببعض الكوماندوز،
كادت الحكومة في نواكشوط أن تأخذ موقفا من تلك التسهيلات وتقوم بردة فعل ضد السنغال لولا أنّ السفير التقي بحنكته نجح في إقناع الوزير الاول سيد أحمد ولد ابنيجاره وقتها في تحييد السنغال والحيلولة دون اعتبارها عدوِّا وجبهة جديدة تنضاف إلى الجبهات المفتوحه على موريتانيا وقتئذ ، الشيىء الذي تلقته السنغال بإيجابية وانعكس بعد ذلك على حسن التفاهم بين البلدين في فترة السفير التقي .

واصل التقي مهمته الدبلوماسية فحاول ترميم السفارة وجعلها واجهة محترمة للدبلوماسية الموريتانية وقد طبع فترته في السفارة في دكار حسن التفاهم والتعاون المحترم مع السلطات السنغالية طيلة فترته التي امتدت خمس سنوات .

كانت الجالية الموريتانية آنذاك كبيرة جدا وتطبع عليها البداوة وغير منتظمة إلى حد بعيد مما أدى بالسفير إلى القيام بحملات توعية لأبناء الجالية للتحلي بالسلوك المدني من حفاظ على حسن المظهر وتمثيل الشناقطة أحسن تمثيل لجلب الاحترام و التكيف مع قوانين البلد المضيف ،
ومن الملفات المعقدة التي نجح السفير التقي في احتوائها مشاجرة قوية بين بعض أبناء الجالية سقط فيها قتيل وأدّت إلى شحن قبلي شنيع بين قبيلتين كبيرتين بداية الثمانينات وهمّ طرف القتيل بأخذ الثأر مما أدى إلى احتدام الخلاف وظهور بوادر حرب شوارع بين أبناء الجالية في دكار فطلب السفير من السلطات السنغالية ترحيل الجاني وتسليمه للسلطات الموريتانية في نواكشوط مما ساهم في تهدئة الشحن في أوساط الجالية وجَعْلِ المشكل يدار من نواكشوط كشأن محلي هناك .

يرى السفير التقي أن دول الجوار هي بمثابة حزام أمن الدولة ويجب أن تُعطى الأولوية لها في تعيين خيرة الدبلوماسيين وتزويد سفاراتها بأجود الإمكانات المادية واللوجستية المتاحه وأنّ الدولة الجار بمثابة الأخ لا دخل في اختياره ولكن في كل الأحوال تجب رعايته والحفاظ عليه مهمى كانت الظروف ،
من المفارقات الغريبة في مساره الدبلوماسي الكبير هو تعيينه لمرتين متتاليتين في سفارات موريتانيا في كل من : بروكسيل وطوكيو وبون ودكار ونيويورك ولمرتين أيضا يتم تعيينه وزيرا للتخطيط
في العام 1983 غادر دكار ليحل محله السفير محمد الحنشي ولد محمد صالح
ليواصل التقي بعد ذلك مشواره الدبلوماسي ممثلا لموريتانيا عبر مختلف القارات الأوروبية والأمريكية والآسيوية كما تقلد الوزارة من جديد في عهد الرئيس معاوية ولد الطايع
بعد مشواره الدبلوماسي ترأس المرصد الموريتاني للانتخابات لعدة سنوات كما قام بتأطير دفعات من الدبلوماسيين في المدرسة الوطنية للإدارة ،

عُرف التقي ببعده عن السياسة وسجالاتها فلم يسجل له أي انتماء سياسي إلى اليوم كما تميز بحسن هندامه وأناقته ومعرفته الجيدة لللغات فهو يتقن الانجليزية والفرنسية والألمانية والإسبانية فضلا عن لغته الأم العربية

يعتبر التقي الآن هو عميد الدبلوماسيين الموريتانيين والسفير الأكثر توشيحا في تاريخ الدبلوماسية الموريتانية .
المصادر :
1 – مقابلة شخصية مع الوزير التقي يوم الخميس 17 فبراير 2022
2 – حلقة السفير مع برنامج الصفحة الأخيرة في التلفزة الوطنية

مع تحيات محمدن ولد عبدالله
المدير الناشر لموقع رياح الجنوب

شاهد أيضاً

توزيع جوائز النسخة الثالثة من مسابقة جائزة رئيس الجمهورية لحفظ وفهم المتون المحظرية/ رياح الجنوب

أشرف فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني، صباح اليوم الثلاثاء بالمركز الدولي للمؤتمرات …